أهمية دورة
المهارات العالمية أبوظبي 2017
أعلن قبل ثلاث سنوات فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بفرصة استضافة مسابقة المهارات العالمية لتصبح بذلك أول دولة عربية تحظى بهذا الشرف. وتُعدّ مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017 مناسبة سانحة للاحتفاء بالتميّز وتسليط الضوء على أهمية المهارات المهنية كما أنها فرصة لا تضاهى لتشارك المعارف والخبرات. وتشكّل هذه المسابقة المحطة الأحدث في مشوار طويل بدأ في مرحلة سابقة من مراحل العالم تكاد تغيب في غياهب النسيان.
التحوّل في أبوظبي
من يستطلع أبوظبي اليوم يجد فيها ملامح مدينة عصرية ونابضة بالحياة تزدان بهندستها المعمارية المميزة وتشتهر باستضافتها لبعض من أهم الفعاليات الدولية مثل سباق الفورمولا 1.
وإنما من يطالع تاريخ المدينة قبل سبعين عاماً سيرى مشهداً مختلفاً تماماً. فآنذاك، لم يتجاوز عدد سكان المدينة الثلاثة آلاف نسمة، وكان الناس يعيشون في بيوت متواضعة مصنوعة من سعف النخيل وتسمّى العريش. اقتصرت الحياة في تلك الفترة على أسلوب العيش التقليدي المتوارث منذ القدم، ولم تتوفر المدارس والمصحات والمياه الجارية وحتى الطرقات ولم يعرف الناس الأطباء أو المهندسين، وبالتالي، فقد كانت المهارات والحرف التقليدية ترتدي أهمية قصوى في حياة الناس.
المهارات التقليدية
توزّعت موارد الرزق في دولة الإمارات قديماً ما بين البحر والبادية، فكان بنّاءوا القوارب وصيادو الأسماك وغوّاصو اللؤلؤ وعمال القوارب والنوخّذة يعملون عند الشاطئ ويعتاشون من الخير الذي يجدونه في البحر، وفي البادية، كانت النساء يعتنين بالمنازل والمواشي وينصرفن إلى حياكة السجاد بألوانه الزاهية والخيام المصنوعة من وبر الماعز والجمال. تلك كانت المهارات والحرف التقليدية التي تمحورت حولها الحياة في دولة الإمارات آنفاً، فصارت جزءاً لا يتجزأ من ثقافتها على مرّ السنين. واستمرّت الحياة على هذا المنوال حتى اكتشاف النفط في سنة 1958 فكانت تلك نقطة التحوّل في مسار البلاد وفي حياة الناس.
نشأة منظمة المهارات العالمية WorldSkills
كانت القارة الأوروبية برمّتها في طور التحوّل ما بعد الحرب العالمية الثانية. فظهرت في أرجاء القارة حاجة ملحّة إلى جيل جديد من العمّال اليافعين المهرة الذين ألقيت على عاتقهم مهمة النهوض ببلدانهم وإعادة إعمارها ما بعد الحرب المدمّرة. كانت أسبانيا تعاني نقصاُ حاداً في العمال المهرة من الحرفيين والصنّاع. فبادرت مجموعة من أصحاب المهن إلى تأسيس مسابقة وطنية للمهارات المهنية في العاصمة مدريد في سنة 1947، وكان من بينهم فرنسيسكو ألبرت-فيدال الذي يُعزى إليه الفضل في تأسيس منظمة المهارات العالمية.
وبحلول سنة 1953 كانت البرتغال وألمانيا وبريطانيا العظمى وفرنسا والمغرب قد التحقت في عضوية المنظمة. وأقيمت أولى دورات المسابقة خارج أسبانيا، في بلجيكا، في سنة 1958، أي في السنة التي تمّ فيها اكتشاف النفط في الإمارات.
أبوظبي في يومنا الحالي
لم تفقد المهارات والحرف أهميتها ودورها الجوهري في الحياة الإماراتية وفي قلب اقتصاد الدولة. فبعد اكتشاف النفط، شرعت أبوظبي في إرسال شبابها إلى الخارج لاكتساب المهارات والعلوم التي تحتاجها للنهوض بقطاعها النفطي.وما لبثت الإمارة أن أنشأت كليات ومؤسسات تدريبية وتعليمية استقطبت الآلاف من الشباب الراغب في طلب العلم.
وها هي أبوظبي اليوم وقد بلغت من التطور والنمو مستوى متقدماً وضعها في مصاف أكثر دول العالم تحضراً وتمدّناً. ومنذ نشأة دولة الإمارات، أدركت قيادتها الرشيدة أن تحقيق الازدهار والحداثة لا يمكن أن يعتمد فقط على الموارد النفطية، بل يجب أن ينطلق منها ليتفرّع إلى مصادر متنوعة.
"إن رهاننا في هذا الوقت، في هذه المرحلة التي ننعم فيها بالخير، هو أن نستثمر جميع مواردنا في التعليم، فسيحين وقت، بعد خمسين سنة من اليوم، حين نحمّل آخر سفينة آخر برميل نفط. [...] إذا كان استثمارنا اليوم صحيحاً، أرى يا أخوتي وأخواتي، أن تلك اللحظة ستكون لحظة احتفال."
- صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة
اقتصاد قويّ ديناميكي يعتمد على يد عاملة بارعة
تقوم استراتيجية أبوظبي الاقتصادية في جوهرها على اقتصاد قوي وحيوي عماده قوة عاملة ماهرة. انطلق الشباب الإماراتي في رحلة تنمية المهارات والقدرات من خلال عملهم مع شركات عريقة وضخمة مثل طيران الاتحاد وطيران الإمارات، حيث يساهمون في توسيع نطاق أعمال الشركتين الرائدتين في مجال النقل الجوي. أما مدينة مصدر فقد فتحت أبوابها أمام مئات الطلاب والباحثين الذين يضافرون الجهود ليجعلوا منها مركزاً دولياً للطاقة المتجددة. وها هو قطاع علوم الفضاء يشهد توسعاً هائلاً في الدولة حيث شرع في بناء الأقمار الاصطناعية وقد انتهى مؤخراً من وضع اللمسات الأخيرة على مشروع بعثة الإمارات إلى المريخ التي تلهب قلوب وعقول الجيل الصاعد.
المهارات العالمية أبوظبي 2017
تحتفل دولة الإمارات في سنة 2017 بالذكرى العشرين لالتحاقها في عضوية منظمة المهارات العالمية. وقد توسعت عائلة منظمة المهارات العالمية WorldSkills لتشمل 76 دولة ومنطقة، وتناهى صدى رسالتها التنموية والتمكينية من خلال المهارات المهنية ليُسمع في أرجاء العالم، فأقيمت المسابقات في بقاع العالم شتّى من اليابان إلى الولايات المتحدة إلى بريطانيا وأستراليا وكوريا الجنوبية وكندا وغيرها وغيرها. وأعلن قبل ثلاث سنوات فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بفرصة استضافة مسابقة المهارات العالمية لتصبح بذلك أول دولة عربية تحظى تستضيف المسابقة. و شهدت دورة المسابقة التي أقيمت في ساو باولو في سنة 2015مشاركة أكثر من ألف متنافس من 62 دولة، فكانت تلك الدورة الأضخم من نوعها في العالم، وتعتزم أبوظبي أن تواصل مسيرة التميّز هذه وأن تضيف إليها المزيد من الألق على أمل أن تكون مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017 فعالية باهرة وتجربة فريدة تُحفر في ذاكرة كل من سيشارك فيها.
الصور تقدمة أبوظبي للإعلام، أرشيف الشركة البريطانية للبترول، جايمس لانغتن، وبعثة الإمارات إلى المريخ.